Admin Admin
عدد المساهمات : 216 تاريخ التسجيل : 02/08/2010
| موضوع: اضغط هنا للدخول إلى صفحة (الصبر تعريف وحكم وأهمية) الثلاثاء يناير 03, 2012 7:08 am | |
| (الصبر تعريف وحكم وأهمية)
الصبر صفة الأنبياء، وحلية الأصفياء، مفتاح الخيرات، سبيل السالكين إلى الله تعالى؛ لا يستغني إنسان بحال من الأحوال عن الصبرفي أي مرحلة من مراحل حياته. ولكن ماهو الصبر؟ وهذا هو محل الكلام. للصبر تعريفان لغوي واصطلاحي : أما اللغوي: الحبس والكف. وأما الاصطلاحي: حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله تعالى . ولقد عرف ذو النون المصري رحمه الله تعالى الصبر فقال : هو التباعد عن المخالفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى عند حلول الفقر بساحة المعيشة. وقد يسأل سائل هل الشكوى لله تنافي الصبر؟ الجواب: الشكوى لله تعالى لا تُنافي الصبر، إنما ينافيه شكوى الله إلى غيره. فهذا رجل يشكو إلى آخر فاقة فقال: يا هذا أتشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك ثم أنشد: وإذا عَرَتْك بلية فاصبر لها صَبْرَ الكريم فإنه بك أعلم. وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحم. إذن فما هو حكمه؟ الجواب: الصبر من حيث الجملة واجب. والدليل على ذلك: أولا: أن الله تبارك وتعالى أمر به في آيات كثيرة. فتارة يقول: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة45. وتارة يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران 200. ويقول تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) الأحقاف35. ثانيا: نهيه عن ضده. والدليل على ذلك : قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ) الأنفال15. وقوله أيضا (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) آل عمران 139. ثالثا: أن الله رتب عليه خيري الدنيا والآخرة للصابرين. وهذا مايسعى إليه الإنسان، فالإنسان منا يسعى إلى تحصيل خيري الدنيا والآخرة وكل ذلك يحتاج إلى صبر. إذن لابد من الصبر. الشاهد ماكان تحصيله واجبا وهو خيري الدنيا والآخرة. إذن فالطريق إلى تحصيله واجب ألا وهو الصبر. لذلك يقول المولى تبارك وتعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) النحل 126. إذن فما هي أهميته؟ الصبر من أبرز الأخلاق الوارد ذكرها في القرآن، ولقد زادت مواضع ذكره فيه عن مائة موضع، وما ذلك إلا لدوران كل الأخلاق عليه، وصدورها منه، فكلما قلبت خلقاً أو فضيلة وجدت أساسها وركيزتها الصبر. والأمثلة على ذلك كثيرة: 1- العفة: وهي صبر عن شهوة الفرج. 2- شرف النفس: وهو صبر عن شهوة البطن. 3- كتمان السر: وهو صبر عن إظهار مالا يحسن إظهاره من الكلام. 4- الزهد: وهو صبر عن فضول العيش. 5- القناعة: وهي صبر على القدر الكافي من الدنيا. 6- الحلم: وهو صبر عن إجابة داعي الغضب. 7- الوقار: وهو صبر عن إجابة داعي العجلة والطيش. 8- الشجاعة: وهي صبر عن داعي الفرار والهرب. 9- العفو: وهو صبر عن إجابة داعي الانتقام. 10- الجود: وهو صبر عن إجابة داعي البخل. 11- الكياسة: وهي صبر عن إجابة داعي العجز والكسل. إذن مقامات الدين كلُها مرتبطة بالصبر، لكن الأسماء اختلفت والمعنى متحد؛ لذلك علق القرآن الفلاح على الصبر وحده. قال تعالى: (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) الإنسان 12. وقال: (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً) الفرقان75. وقال: (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الرعد24. فكثرة معاصي العباد إنما كانت بسبب قلة الصبر عما يحبون، وقلة الصبر على مايكرهون. فأهل الإيمان أشد الناس حاجة إلى الصبر لأنهم يتعرضون للبلاء والأذى والفتن. قال تعالى: (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3) العنكبوت. وقال: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) البقرة214. وقال: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) آل عمران 186. ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أشد أهل الإيمان حاجة إلى الصبر لأنهم يؤسسون بالدعوة ويجابهون الأمم بالتغيير ويواجهون أمما تعاندهم وتكذبهم وتعاديهم؛ لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، لقد كان أحدهم يبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها فيلبسها، و يبتلى بالقمل حتى يقتله، و لأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء). الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم 995، خلاصة حكم المحدث: صحيح . والنبي صلى الله عليه وسلم أشد الرسل بلاءا لذلك كانت أوامر المولى تبارك وتعالى له صلى الله عليه وسلم بالصبر كثيرة في القرآن لأنها دعوة شاملة تواجه أمم الأرض كلُها فخصومها كثيرون وحاجة إمام الدعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر أعظم. فالنبي صلى الله عليه وسلم واجه صنوف الأذى البدني والنفسي والمالي والاجتماعي والدعائي وغيره، وقاوم ذلك كله بالصبر الذي أمره به الله. قال تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) هود49. وقال: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ) النحل127. وقال: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) الطور48. يا عبد الله: إن الصبر سر سعادة الإنسان، ومصدر العافية عند البلاء، وعدة للمؤمن حين تدلهمُّ الخطوب وتحدق بهم الفتن وتتوالى عليهم المحن، إنه سلاح السالك في مجاهداته لنفسه، وحملها على الاستقامة على شرع الله تعالى، وتحصينها من الانزلاق في مهاوي الفساد والضلال.
| |
|