Admin Admin
عدد المساهمات : 216 تاريخ التسجيل : 02/08/2010
| موضوع: اضغط هنا للدخول إلى صفحة (الرشوة) الخميس يناير 05, 2012 2:57 am | |
| (الرشوة)
إن من أشد الجرائم التي تفسد المجتمعات، وتذهب بأخلاقها، وتمحو من مالها البركة (الرشوة). وهي منتشرة في كل مجتمع فيه ظلم وفساد ، منتشرة في كل مجتمع فيه ضعف في الوازع الديني. إذن ما هي الرشوة ؟ هي ما يدفع من مال إلى ذي سلطان أو منصب أو وظيفة عامة أو خاصة ليحكم له أو يحكم على خصمه بما يريد هو أو ينجز له عملا أو يؤخره لخصمه. ولقد حرم الإسلام على المسلم أن يسلك طريق الرشوة، وحرم قبولها وحرم التوسط بين الآخذ والدافع. ماهو الدليل ؟ (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة 188. هذه الآية فيها من الدلائل والعبر الكثير. فهي وقعت بين فريضتين الصيام والحج. أما الصيام فبداية من (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)البقرة183،ثم بين مدته أياما معدودات، وفضله وتفضل الله بالرخصة عند المشقة بمرض أو سفر تيسيرا منه سبحانه، ثم التقرب بدعاء السائلين ثم ما أحله الله لنا في الليل ثم (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة188، ثم بعدها (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) البقرة189. الدليل الاول: لأن حقيقة الصوم الإمساك عن المفطرات طيلة نهار رمضان حتى نصل إلى التقوى. فلئن صمت شهرا كاملا عن الحلال المتاح، فلا يصح منك أن تفطر بعد الشهر على أموال الناس بالباطل. وإن كان حجك لتخلص نفسك من الذنوب كي تعود من حجك كيوم ولدتك أمك، فمن باب أولى أن تمسك عن أكل أموال الناس بالباطل. الدليل الثاني: قال تعالى عن المنافقين واليهود: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)المائدة42. هذا الدليل جاء بعد حد السرقة ففي البداية (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) المائدة38، ثم توابع السرقة من توبة وحق الله تعالى في التشريع ثم الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)المائدة41، ثم يصف أعمالهم بقوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ المائدة41. فعندما نربط هذه الآيات ببعضها يتبين لنا الآتي: أولا: أن المرتشي سارق. ثانيا: أنه يخشى الكفر عليه؛ لمسارعته إليه تشبيها للمنافقين واليهود في مسارعتهم إلى الكفر. ثالثا: أن هذا من عمل المنافقين واليهود، ففيه مشاركة لهم في الوصف. رابعا: أن منهج المرتشين هو الكذب والسماع للكذابين. خامسا: أنهم يأخذون من النصوص ما يوافق أهواءهم وما لم يوافقها يحرفونه من بعد مواضعه. سادسا: أنهم مفتونون فيما يأخذونه، وما ينفذون من أعمال غير مشروعة. سابعا: قلوبهم غير طاهرة دنستها الرشوة وأكل السحت. ثامنا: أنهم في ذلة في حياتهم خصوصا أمام راشيهم. تاسعا: ولهم في الآخرة عذاب عظيم. أما دليل تحريم الرشوة من السنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي، والمرتشي في الحكم. الراوي :أبو هريرة، المحدث :الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم 5093، خلاصة حكم المحدث : صحيح . فالقلق النفسي الذي يعيشه المرتشي والراشي، عقاب دنيوي معجل له في حياته الدنيا وفاقا لما أخذه وأزعج به إخوانه المسلمين. وقد أجمع الصحابة الكرام و التابعون الأفذاذ وعلماء الأمة الأجلاء على تحريم الرشوة بجميع صورها وأشكالها، إذن فما هي الآثار المدمرة للرشوة؟ أولا: انحراف وفساد الجهاز الإداري أو أحد مؤسساته، فموظف الدولة يمتلك القدرة على إلغاء مشروع اقتصادي ضخم، أو الموافقة على قيامه،أو يقبل بضاعة رديئة،أو بضاعة فاسدة صحيا،أو ممنوعة، أومحرمة شرعا وقانونا يقبلها ويقبل استيرادها مقابل حفنة عفنة من المال. ثانيا: الرشوة تتعدى الحصول على مال، أو عدم دفع مال مستحق ليصل الراشي من خلالها إلى مركز أو عمل أو موقع وهو ليس على المستوى المطلوب فيدمر الكفاية الإنتاجية فتتعرقل التنمية المتوقعة حسب الخطة المرسومة من قبل ولاة الأمر وأصحاب الشأن العام. ثالثا: تدمير الموارد المالية للمجتمع،حيث يقبل مشاريع ناقصة، أو غير مطابقة للمواصفات، والمقاييس المطلوبة مما يتسبب في انيهار جسر، أو انهيار عمارة، أو تسليم بضاعة تالفة، أو أدوية منتهية الصلاحية، أو أغذية فاسدة، أو لا تصلح للإستهلاك الآدمي. رابعا: تدمير الأخلاق في المجتمع، وهو فقدان الثقة، وعدم المبالاة، والتسيب، وعدم الولاء، والانتماء، والإحباط في العمل، وتأخير الإنجاز. خامسا: تدمير جسدي للمجتمع، والبشرية كانهيار المباني الكبيرة المأهولة بالسكان فتذهب الأموال، والأنفس، وتتلف صحة البشر، وتحدث الإعاقات الجسدية، وقس على ذلك جميع القطاعات. سادسا: منع رجال الأعمال الصالحين من المشاركة في دخول المناقصات، والتعهدات التي تطرح لتنفيذ مشاريع حكومية إنشائية، أو خدمية لأنهم يخافون الله فبغيابهم يتاح لغيرهم من العناصر الفاسدة الذين ليس لديهم دين يردعهم، أو وازع يمنعهم من دفع الرشوة للفوز بالمناقصة، ويخرج الصالحون من المنافسة. فأصبحت المشاريع غير صالحة. سابعا: مواجهة الرشوة تكلف الدولة نفقات باهظة بسبب إهمال الموظفين في جانب الدين والصلاح والأمانة والعفة والمشورة لأهل الرأي والخبرة والعلم والحكمة؛ فتتكلف الدولة أموالا طائلة لمواجهة الراشي والمرتشي ومحاسبتهم ومكافحة الفساد الإداري، وذلك بإنشاء دوائر تشريعية وتنفيذية ورقابية وتحقيقيه كديوان المظالم، والمباحث الإدارية، وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة،والكسب الغير مشروع وغيرها مما يضع العناصر الفاسدة تحت المراقبة وتحت المجهر، وخاصة ممن تدور حولهم الشبهات وممن تشير إليهم أصابع الاتهام. كل ذلك من ميزانية الدولة. فلو ترك المجرمون المرتشون والراشون هذه العادة السيئة والبغيضة عند الله وعند الأسوياء من البشر، لتوفرت للدولة الأموال الطائلة والجهود لصرفها في مصالح أخرى أجدى وأنفع لبناء المجتمع.
| |
|